أشرف رئيس الحكومة السّيد كمال المدّوري اليوم الجمعة 6 ديسمبر 2024 على افتتاح الدورة الثامنة والثلاثين لأيّام المؤسّسة التي ينظّمها المعهد العربي لرؤساء المؤسّسات تحت سامي اشراف سيادة رئيس الجمهوريّة أيّام 5 و6 و7 ديسمبر 2024 تحت عنوان " المؤسّسة والتحوّلات الكبرى: التأقلم والفرص المتاحة"، وذلك بحضور نائب رئيس الوزراء ووزير الصحّة اللّيبي السّيد رمضان أبو جناح ورئيس المعهد العربي لرؤساء المؤسّسات السّيد أمين بن عياد.
ونوّه رئيس الحكومة في مستهل الكلمة التي ألقاها بالمناسبة بأهميّة هذا الحدث البارز الذي أصبح تقليدا يساهم في التفكير المشترك وتبادل الرؤى حول المواضيع المستجدّة التي تؤثّر بشكل مباشر على مستقبل اقتصادنا الوطني ومؤسّساتنا.
وأكّد رئيس الحكومة أننا بصدد تحوّلات عميقة وبنيويّة في المشهد الاقتصادي العالمي تعكس سرعة التحوّلات الجيوسياسيّة الكبيرة مما دفع عديد البلدان إلى إعادة تقييم استراتيجيّاتها التّجارية والاستثمارية وإعادة النظر في شراكاتها وتدفّقات الاستثمار الأجنبي المباشر وهو ما يتطلب منا حسن استقراء هذه التحولات على علاقات تونس التجارية ومرونتها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي والقدرة على بلورة سياسات فعالة وناجعة وتنويع الشراكات للتغلب على هذه التحديات والاستفادة من الفرص الناشئة.
وذكّر السّيد كمال المدّوري بدعوة سيادة رئيس الجمهوريّة إلى بناء نظام إنساني جديد قوامه نظام مالي متضامن ومدمج خاصّة وأنّ المجتمع الانساني بدأ يتشكّل بطريقة جديدة ويتجاوز النّظام الدّولي القديم ويجد هذا التغيير صداه في بلدنا من خلال التوجّه نحو وضع مقاربة تنمويّة وطنيّة جديدة تحدّدت أرضيّتها ضمن أحكام الدّستور لتكون متجانسة ومندمجة وشاملة تتجاوز هِنات وآثار الخيارات الفاشلة اجتماعيا واقتصاديا وتؤسّس لعقد مواطني جديد يقوم على الثقة والمسؤولية وتسخير المجهودات وشحذ جميع الطاقات لبناء اقتصاد وطني يخلق القيمة المضافة ومواطن العمل اللائق والمستدام ، ويضمن تحقيق دور الدولة في ضمان اندماج الجهات، وتكريس قيم العدالة الاجتماعية، والتّوزيع العادل لثمار التنمية، وتعزيز قيم المواطنة المسؤولة، وإعادة تأهيل المرفق العام وتحسين جودة خدماته ونجاعة طرق التصرّف فيه وحفز الاستثمار وضمان التكامل بين القطاعين العمومي والخاص.
وأشار رئيس الحكومة في كلمته إلى أن الدّولة تدرك أنّ التحدّيات التي تواجهها المؤسّسات اليوم على الصعيدين الوطني والدّولي تتطلّب استجابة سريعة ومرنة، من قبل المؤسّسات العموميّة والخاصة على حدّ السواء، للتكيّف مع التغيّرات المتسارعة واستكشاف الفرص المتاحة القادرة على بلورة حلول مبتكرة ومستدامة تسهم بشكل فعّال في تعزيز نموّ المؤسّسات الاقتصادية وهو ما يدعو إلى تهيئة كل الظروف المتناغمة مع تطلّعات المؤسّسات الاقتصادية من تبسيط للإجراءات الإداريّة المتعلّقة بالتّراخيص وتحفيز المستثمر التونسي على اكتساح الأسواق الخارجية وتوجّه النشاطات الاقتصادية نحو القطاعات الواعدة وذات القيمة المضافة العالية.
كما دعا إلى ضرورة العمل على تطوير قدراتنا الوطنيّة والاستثمار في مواردنا الذاتيّة بعيدا عن الحلول الظّرفية، ذلك أنّ التّعويل على الذات هو خيار سيادي واستراتيجي مسؤول مضيفا أن تكريس هذا الخيار يتطلّب العمل الجادّ على خلق اقتصاد يقوم على الابتكار وعلى دعم وتنويع الإنتاج المحليّ، وعلى تعزيز نسيج المؤسّسات الوطنيّة ودعمه وتمكينه من أداء دوره كرافعة أساسيّة للنموّ يتطلّب من كل الأطراف المتدخلة بالقطاع العمومي والخاص توفير أفضل الممهّدات لتحقيق الإقلاع الاقتصادي.
ونوّه رئيس الحكومة إلى أهميّة الرقمنة في مواكبة التطوّر في مجال الذّكاء الاصطناعي وهو ما يحتاج إلى إدارة فاعلة وقادرة على التأقلم لمجابهة جملة من التحدّيات مذكّرا في هذا الصدد بأولويّة رئيس الجمهوريّة بتحويل الإدارة إلى نموذج رقمي متكامل وإرساء حوكمة موحّدة وناجزة لجميع المشاريع القطاعيّة الرقميّة.
وأكّد أن الدولة حرصت في إطار مشروع قانون الماليّة لسنة 2025 على اتخاذ جملة من الإجراءات الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال ودعم المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة عبر إحداث خطوط تمويل جديدة لفائدة المؤسّسات الصغرى والمتوسطة والمؤسّسات الناشئة وباعثي المشاريع فضلا عن سنّ إعفاء جبائي وديواني في مشروع قانون الماليّة الجديد سيمكّن مختلف الفاعلين الاقتصاديّين من تسوية وضعيّاتهم. كما شدّد في نفس الإطار على أهميّة الدور الموكول للشركات الأهليّة كبديل تنموي ساهمت في فتح آفاق لفئات هامّة من شباب المناطق الدّاخلية وتمكينهم من المبادرة بخلق مواطن الشغل ومصادر رزق جديدة في كافّة القطاعات وفي كل الجهات.
وأبرز رئيس الحكومة في ختام كلمته على ضرورة اضطلاع كافّة الهياكل العموميّة المركزيّة والجهويّة المعنيّة بالمرافقة والمساندة والتوجيه لحفز الاستثمار وحسن التعهّد بالملفات بمهامها على الوجه الأكمل من خلال توفير التّسهيلات اللّازمة وتذليل الصّعوبات المسجّلة واقتراح الحلول الكفيلة بتسويتها ورفعها عند الاقتضاء للجهات المختصّة.